منذ فترة طويلة كان الإنسان مفتونا بالطيران، وبفضل التكنولوجيا الحديثة أصبح الحلم
حقيقة، ومع ذلك لا يأتي أي امتياز بدون مقابل، فالإنسان والآلة ليسوا معصومين من
الخطأ، ويمكن حتى للأخطاء البسيطة أن تكون لها عواقب مميتة وحينها يحاول التعلم
من كل خطأ حتى لا يكرره مجددا ، ولكن هنالك بعض الحوادث التي جعلتنا نعيد
التفكير فيها مرات عديدة .
الرحلة 19 :
حينما بدأت الرحلة 19 وهي مهمة تدريبية روتينية للبحرية الامريكية، فقد انتهى الأمر
بـ 5 طائرات أن تتلاشى في الهواء وأعادت هذه الحادثة إلى الأدهان أسطورة مثلث
برمودا، أقلعت الرحلة يوم 5 ديسمبر 1945 بقيادة "تشارلز تايلور" قبالة من فورت
لودرديل، كان الطقس صافيا وكان مدر الطيران من ذوي الخبرة لكن بعد 90 دقيقة
بدأ يحصل تشويش ولا يستطيع الطيارين المتدربين التعرف على المكان الذي
يتواجدون به، ووفقا للإرسال فالبوصلة تعطلت، وحاول برج المراقبة توجيه المدرب
للعودة إلى قاعدة "فورت لودرديل" ولكن دون استجابة وفي الأخير فقد الإتصال مع
الطائرات الخمس وحيناه ذهبت طائرة لتقصي الوقائع لكن دون جدوى .
وحينها بدأت التأويلات منهم من يقول بأن الطائرات انفجرن في الجو، ومنهم من
يقول عكس ذلك لكن أكثر الأمور غرابة وعجب هو أن "تايلور" طلب اعفاءه من
التدريبات اليوم، لكن البحرية رفضت طلبه، واضطر إلى المضي قدما في آخر تدريب
سيقوم به في حياته، ويبقى السؤال المطروح: ما السبب في عدم رغبة "تايلور" القيام
بالتدريبات في ذلك اليوم ؟؟
مصر للطيران الرحلة 990 :
في يوم 31 أكتوبر لعام 1999 سقطت طائرة مصر للطيران الرحلة 990 فوق
المحيط الأطلسي، ما أسفر عن مقتل 217 راكباً كانوا على متنها، وحينها بدأت هيئة
الطيران المدني المصرية بالتحقيق في الحادث، ولأن لديهم مصادر محدودة ووقع
الحادث في المياه الدولية طلبوا من مجلس سلامة النقل الأميكي تولي المسؤولية فأخذت
هذه الأخير بالتحقيق في الحادث حتى اقترح الفحص التمهيدي بأن الحادث كان مدبرا،
وبعد ذلك اقترحوا أن ترسل القضية الى مكتب التحقيقات الفدرالي، لكن المصريين
رفضوا الأمر بشدة وطلبوا من سلامة النقل الأمريكي بمواصلة التحقيق لوحدها دون
تدخل طرف آخر، ومع ذلك حينما تواصل الحديث بأنه وقع عمل اجرامي قرر
المصريون القيام بالتحقيق والتعامل مع الأمر بأنفسهم، وفي الأخير أتى التحقيق
الأمريكي والمصري بنتيجتين مختلفتين، التحقيق الأمريكي يقول بأن مساعد الطيار
كان يريد الإنتحار وتولى أخذ زمام القيادة وأغرقها في المحيط عمدا في حين اكد
التحقيق المصري بأن الحادث وقع نتيجة أعطال ميكانيكية، ولكن لا وجود لتفسير
لنظرية المؤامرة التي تقول بتواجد إرهابيين على متن الرحلة لقتل 33 من أعضاء
هيئة الأركان العامة المصرية الذين كانوا على متن الطائرة، فعلى الرغم من أننا لا
نستطيع ما حدث بالضبط لكن التسجيلات الصوتية الأخيرة للرحلة ربما تعطينا فكرة،
حيث تم تسجيل الطيار قائلا: "ماهذا؟ ماهذا؟ هل تم إيقاف المحركات؟" وفي الوقت
نفسه كان مساعد الطيار يردد " أنا أتوكل على الله ".
الرحلة 191 :
الرحلة 191 لا تشير إلى حادث معين ولكن للحوادث التي ابتليت بها مجموعة من
رحلات الطيران المرقمة بـ 191، فمثلا أحاب الفنادق الذين يرفضون تسمية طابق
بالطابق 13، كذلك الأمر مع بعض شركات الطيران التي لم تعد تسمي رحلاتها بـ
191 فمنذ سنة 1960 وقعت 5 حوادث طيران مميتة كانت تحمل الرقم 191 بما في
ذلك أسوأ كارثة طائرة في التاريخ الأميركي: "خطوط الطيران الأمريكية" التي
أسفرت عن مقتل 273 شخصا. وفي الآونة الأخيرة، في عام 2012 قدمت شركة
الخطوط الجوية جيت بلو ما وقع في إحدى الرحلات حيث بدأ الطيار يصرخ ويتكلم
عن المسيح، والإرهاب، وأحداث سبتمبر، وتم طرده من قمرة القيادة بواسطة مساعد
الطيار وبعض الركاب، وتم وضعه في وقت لاحق بمستشفى الأمرض العقلية، وعلى
الرغم من سوء حظ الرحلات الجوية التي تنتهي بـ 191 من المحتمل أن يكون ذلك
من قبيل المصادفة فقط .
طيران الولايات المتحدة الرحلة 427 :
الـ 132 شخصا الذين صعدوا رحلة 427 كانوا يتوقعونها أن تكون قصيرة من
شيكاغو الى بيتسبرغ، لكن لسوء الحظ في غضون 10 دقائق من بدايتها تعطلت
الطائرة لسبب غير مفهوم وبدأت بالإنخفاض بسرعة 500 كيلومتر في الساعة ومات
كل من كان على متنها، هذه الهادثة كانت واحدة من أعنف الحوادث التي وقعت في
تاريخ الولايات المتحدة .
عادة، يمكن للمحققين تحديد سبب وقوع حادث في غضون أسبوع أو اثنين، ولكن
الرحلة 427 استغرق الأمر أكثر من أربع سنوات لتحديد سبب العطل، فالباحثين
درسوا كل نظرية يمكن تصورها وتحدد أن العطب كان يتواجد في الدفة مما أفقد
الطيارين السيطرة على الطائرة، وبعدها كشف سر جديد أن الشركة كانت على علم
بمشاكل الدفة في طائرات 737 الخاصة بهم مما جعل أسر الضحايا ترفع دعوى
قضائية ضد الشركة والبوينغ لكنهم فضلوا تسوية الأمور خارج المحكمة بتعويض 50
مليون دولار .
ترانس وورلد ايرلاينز الرحلة 800 :
في عام 1996، انفجرت الرحلة 800 وتحطمت بعد اقلاعها بـ 12 دقيقة من مطار
جون كينيدي، مما أسفر عن مقتل 230 شخصا. وبعد تحقيق لمدة أربع سنوات، خلص
مجلس سلامة النقل للولايات المتحدة أن السبب هو تماس في الأسلاك ما أدى إلى
إشعال شرارة في إمدادات الوقود، ومع ذلك، هذا التفسير يتناقض مع مئات الشهود
الذين يقولون انهم رأوا أنهم رأو ضوأ يرتفع في السماء إلى أن وصل للطائرة حيث
ظهرت كرة نارية، وقد تسبب هذه التقارير للبعض بالإعتقاد بأن الطائرة قذفت
بالصاروخ، فمن الذي أسقط طائرة مدنية؟ واحدة من النظريات السائدة هي أن الجيش
الأمريكي أطلق عن طريق الخطأ أثناء الدورات التدريبية للبحرية التي كان من
المقرر إجراءها قبالة سواحل جزيرة لونغ في نفس اليوم .
الطيران الفرنسي الرحلة 447 :
في عام 2009، انخفضت الرحلة 447 من السماء لسبب غير مفهوم وسقطت في
المحيط الأطلسي وأرسلت 228 شخصا لقبورهم المائية، لم يكن هناك أي نداء
استغاثة، ولم يكن أحد على علم بمكان سقوط الطائرة حتى ساعات في وقت لاحق،
عندما فشل الطيارين في اجراء اتصالات مع مراقبي الحركة الجوية، وقد كان
المفترض أن تحلق الطائرة لوحدها باستعمال الربان الآلي لتعتبر أفضل الطائرات
أمانا في التاريخ، ولم يتم جمع الحطام بسبب تناثره في قاع المحيط إلا بصعوبة بالغة،
بدا التحقيق ميؤوس منها عندما لم يتم العثور على الصندوقين الاسودين بعد 30 يوما
ومع ذلك واصلت السلطات الفرنسية البحث، في عام 2011 وظفت فريقا خاصا
للمهمة، وعثرت على حقل الحطام المفقود في غضون أسبوع واستطاع سلاح البحرية
الفرنسية استرداد الصناديق السوداء فضلا عن أكثر من 100 جثة، وقد كان سبب
الحادث هو حدوث خطأ أثناء فك الإرتباط بالطيار الآلي وتم حل الغموض أخيرا، لكن
لا زالت تثار أسئلة حول كيف أن الطيارين من ذوي الخبرة لم يستطيعوا فك الإرتبات
رغم أن الأمر ليس بعملية دقيقة .